يجمع فيلم "المستحيل" (2012) بين الأفلام الدرامية وأفلام الإثارة والتشويق، وهو الفيلم الروائي الثاني للمخرج الإسباني خوان أنطونيو بايونا. ويستند سيناريو الفيلم للكاتب السينمائي سيرجيو سانشيز إلى قصة للكاتبة ماريا بيلون مبنية على شخصيات وأحداث حقيقية خلال وقوع "التسونامي" أو الموجة المدّية الهائلة التي اجتاحت جنوبي وشرقي آسيا في اليوم التالي لعيد الميلاد المجيد في العام 2004، ما أسفر عن مقتل أكثر من 230,000 شخص في 14 دولة في واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث. وقد قرر منتجو فيلم "المستحيل" إنتاج هذا الفيلم بعد أن استمعوا إلى مقابلة إذاعية مع أفراد الأسرة الإسبانية الذين تدور حولهم قصة الفيلم. وقام كاتب سيناريو الفيلم بتغيير الأسرة الإسبانية إلى أسرة بريطانية في قصة الفيلم، كما غيّر موقع الأحداث من اليابان إلى تايلاند.
تتعلق قصة فيلم "المستحيل" بأسرة بريطانية مؤلفة من الأب هنري بينيت (الممثل إيوان مكجريجور) والأم ماريا (الممثلة نعومي واتس) وأبنائهم الثلاثة، وأكبرهم هو لوكاس (الممثل الشاب توم هولاند). تقضي هذه الأسرة عطلتها السنوية في منطقة ساحلية جميلة بتايلاند حين تجتاح الموجة المدّية تسونامي المنطقة وتدمر كل شيء في طريقها وتغمر المناطق الساحلية بأمواج هائلة، وتؤدي إلى انقسام أفراد الأسرة بعد أن تجرفهم الأمواج، بين الأم التي تتعرض لإصابة بالغة الخطورة وابنها الأكبر من جهة، وبين الأب وابنيه الآخرين من جهة أخرى. وتستعرض قصة الفيلم أحداث الأيام العديدة التالية التي تتخللها مشاهد آثار الموجة المدّية من دمار هائل وإصابات ومستشفيات وملاجىء وحالة الضياع والفقدان والصدمة التي يشعر بها المصابون والناجون من سكان البلاد ومن السياح الزائرين، وما يبذله أفراد الأسرة من جهود في البحث عن بعضهم البعض وما ينتابهم من هواجس خلال ذلك. وبعد سلسلة من التطورات التي يشوبها القلق والألم والتوتر يلتقي أفراد الأسرة، ويتم إجراء عملية جراحية عاجلة للأم ماريا وإنقاذها حياتها. وتظهر ماريا في المشاهد الأخيرة لفيلم "المستحيل" وهي تجلس في الطائرة التي تقلّ أفراد الأسرة في طريق عودتهم إلى الوطن، وهي تنظر من نافذة الطائرة وتشاهد الدمار الشامل الذي خلفته الموجة المدّية تسونامي على الأرض.
يتميز فيلم "المستحيل" بقوة إخراجه على يد المخرج خوان أنطونيو بايونا الذي يتعامل مع المحنة التي تتعرض لها الأسرة البريطانية خلال اجتياح الموجة المدّية تسونامي للتعبير عن قصص كثيرة أخرى تعرض الناس فيها للآثار المدمرة للموجة المدية، مظهرا أثرها ليس على السياح الزائرين فحسب، بل أيضا على السكان المحليين الذين تعرّض معظمهم لمعاناة تفوق معاناة السياح الزائرين. ومع أن المخرج بايونا يبرز مشاهد القوة الهائلة للموجة المدّية، وما تتميز به تلك المشاهد من براعة المؤثرات الخاصة وتصميم الإنتاج الفني ، فهو يركز على أثر الإعصار على الناس الذين تعرضوا للرعب والصدمة والمعاناة. ويشترك بين ممثلي الكومبارس في الفيلم عدد من الناجين من الموجة المدّية من السكان المحليين. كما يتميز الفيلم بحساسية وواقعية أداء الممثلين الذين يشركون المشاهدين في أحاسيسهم الإنسانية، وفي مقدمتهم الممثلة القديرة نعومي واتس التي رشحت عن دورها لجائزة الأوسكار والممثل إيوان مكجريجور، والممثل الشاب توم هولاند ابن السابعة عشرة.
عرض فيلم "المستحيل" في ثمانية مهرجانات سينمائية، وفاز بثلاث وعشرين جائزة سينمائية ورشح لجائزتي الأوسكار والكرات الذهبية. وفازت بطلة الفيلم الممثلة نعومي واتس بثلاث جوائز ورشحت لثلاث عشرة جائزة، كما فاز الممثل الشاب توم هولاند بخمس جوائز ورشح لست جوائز أخرى. يشار إلى أن ممثلي فيلم "المستحيل" الرئيسين التقوا في مهرجان تورونتو السينمائي في العام 2007 بأفراد الأسرة الإسبانية الذين قاموا بتجسيد شخصياتها في الفيلم.